رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. فهد العتيبي
د. فهد العتيبي

ولا تقتلوا راهباً في صومعته

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما حدث من هجوم في كنيسة مدينة نيس الفرنسية الأسبوع الماضي، وأودى بحياة ثلاث أشخاص أبرياء يعتبر عملاً إرهابياً بكافة المقاييس، ومن المؤسف أن يتم هذا العمل باسم الإسلام، وأن يصور كغيرةٍ على الإسلام ورموزه، فالدين الإسلامي كما يشهد تاريخه الطويل دين رحمة وتسامح، وحفاظ على أرواح الناس الأبرياء، فمن قتل نفساً واحدة في الإسلام فكأنما قتل البشرية جمعاء "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".
وقد جاء في الصَّحيحَين عن نافع أنَّ عبدالله -رضي الله عنه- أخبرَه: أنَّ امرأةً وُجدت في بعض مغازي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مقتولة، فأنكر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قتْلَ النِّساء والصِّبيان، وفي لفظ: "فنهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن قتْلِ النِّساء والصِّبيان". ومثله ما أخرجه أحمد وأبو داود بسند صحيح: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خرج في غزوة غزاها، وعلى مقدمته خالدُ بن الوليد، فمرَّ أصحابُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على امرأةٍ مقتولة ممَّا أصابتِ المُقدِّمة، فوقفوا ينظرون إليها، ويتعجَّبون من خَلقها، حتى لحقهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على راحلته، فانفرجوا عنها، فوقف عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: "ما كانتْ هذه لتقاتل"، فقال لأحدهم: "الْحقْ خالدًا فقل له: لا تقتلوا ذُريَّة، ولا عسيفًا".
وقد جاء في وصية أبي بكر لجيش أسامة بن زيد: "ولا تقتلوا راهباً في صومعته"، ومن وصاياه لأمراء الجُند: "لا تقتلوا امرأةً، ولا صبيًّاً، ولا كبيرًا هَرمًا، ولا تقطعوا شجَرًا مُثمرًا، ولا تُخرِّبُنَّ عامرًا، ولا تَعقرنَّ شاةً ولا بعيرًا إلَّا لمأكلة، ولا تُغرقُنَّ نخلًا ولا تحرقنَّه، ولا تغلل، ولا تجبُن"، وهي الوصية التي تبناها عمر بن الخطاب رضي الله كما أخبرنا ابن عمر رضي الله عنهما حيث قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى الأجناد: "لا تقتلوا امرأة ولا صبيًّا".
وقد ذكر علماء الإسلام الأصناف التي لا يجوز قتلها وهي: النساء، والأطفال، والرهبان ورجال الدين، والشيوخ كبار السن، والعُسفاء - وهم الأجراء والفلاَّحون، وأصحاب الأمراض المزمنة، فهل نقبل أن يقوم أحدهم اليوم بقتل مجموعة من النساء والرجال يتعبدون في كنيستهم ويردد الله أكبر، وكأن الله -تعالى علواً كبيراً- أمره بذلك، إن مثل هذه الأعمال الإرهابية هي الخطر الحقيقي على الإسلام، وعلى الجاليات المسلمة التي تعيش في الغرب.
نقلا عن الرياض



آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up